"لو سمحت، أطفئ المذياع" لا أذكر عدد المرات التي طلبت من السائق أن يفعل ذلك بعد أن يستفزني ما يقدمه المذيع في تلك اللحظات، ففي غزة لا يُمكن أن تستقلّ مركبة عامة إلا وأن تستمع للإذاعة طوال الوقت الذي تمضيه للوصول إلى المكان المطلوب، وبقليل من المهارة والذكاء بإمكانك أن تتعرف على الهوية الايدلوجية للسائق من خلال الإذاعة التي يستمع لها، فالإذاعات هنا نوعين: إذاعات مملوكة لأحزاب سياسية،  أو مملوكة لأفراد أو جهات خاصة، ولكل منهما أهدافه، فتهدف الإذاعات الممولة من الأحزاب السياسية للتعبئة الفكرية  والعمل في إطار مالا يخرج عن إطار الحزب، فيما تهدف الإذاعات الخاصة إلى تحقيق الربح المادي، وكلا النوعين يقدم محتويات متنوعة تخدم أهدافه،  بغض النظر عن المحتوى إن كان ثرياً أو سطحياً وأحياناً يصل للحضيض المهم تحقيق الهدف!.

 

كمستمعة لست راضية عما يُقدم، وكشابة فإن الإذاعات المحلية لا تمثلني فهي تتجاهل قضايا الشباب وإن تناولتها، تتناولها في الإطار العام الذي يهم كافة شرائح الجمهور وليس في الإطار الخاص للشباب، وبذلك لا تحدث فيها تغييراً، فالفجوة واسعة بينها وبين صناع القرار وكل ما يمكنها فعله هو حل مؤقت لمشكلة مؤقتة كالخدمات المتنوعة المقدمة للمواطن، جميعها يعرض الواقع دون معالجة حقيقية له، ولذلك فإن دور الإذاعات قاصر، رغم أهميتها الشديدة في قطاع غزة، وتحديداً في ظل انقطاع الكهرباء المستمر، فتُعد الإذاعة الوسيلة الأقل تكلفة والأكثر سهولة للوصول، كل ما عليك فعله هو شراء بطارية وجهاز راديو والحصول على مصدر للترفيه والتثقيف.

 

Noor Swirki

 

إن ما تمتلكه الإذاعة من مميزات، كسهولة وصولها للجمهور، ومناسبتها لكافة الفئات، وسهولة التعرض لها، فلا يهم إن كنت ممداً على سريرك، أو تقود سيارتك، أو تمشي في الشارع، كل ما عليك فعله، فتح المذياع والتقاط الاشارات، كل ذلك يؤهلها لأن تكون في طليعة الوسائل الاعلامية المؤثرة في الشباب هنا، ولكن لتحقق ذلك عليها أن تأخذ هذا الجيل الشاب على محمل الجد، أن تقُدم ما يليق بآماله وتطلعاته ونجاحاته، وأن تعتبره استثماراً مستداماً من خلال تحسين جودة المحتويات المقدمة عبرها، وأن تعمل على تحقيق حصة من البث لصالح الشباب، وتسهيل مشاركتهم في برامجها، فما يعانيه الشباب في قطاع غزة من بطالة عالية، وفقرٍ شديد، يجعل من الصعب عليهم المشاركة في البرامج الاذاعية، نظراً لتكلفة الاتصالات العالية، والتي لا تتناسب وحجم دخلهم المالي المحدود، هذا إن وُجد.

 

إحدى التجارب التي شاركت بها واعتز بها، والتي أؤمن بأهمية أن تتكرر وأن يكون لها دورية ثابتة في البث، كانت مع صديقتي أنسام هي أيضاً عضو في شبكات الشباب المتوسطي، حيث عملت أنسام على ربط عدد من الإذاعات الإقليمية مع بعضها في بث واحد بحلقة واحدة مسجلة، كانت فكرة جميلة وتظهر جانبا إبداعياً في استثمار أدوار هذه الإذاعات، والأهم أن كل هذا المجهود كان نابعاً من الإيمان بأهمية هذا الحدث، والقدرة على التغيير.

 

إن الاذاعات المحلية في  قطاع غزة تحتاج الكثير من التطوير، للخروج من دائرتها الضيقة، والانتقال الي دائرة أكثر عمقاً وأعلى في المستوى، من خلال نوعية المحتويات المقدمة للشباب تحديداً، والعمل على استثمار البحث العلمي في التعرف على احتياجات وتفضيلات الشباب، ومن ثم رسم خطة استراتيجية تتعلق بالعمل الاعلامي الاذاعي للجمهور الشاب، لنتحدث بصوتٍ عالٍ عن أهمية وجود إذاعة محلية أو اقليمية خاصة بالشباب فقط!،  أو عن وجود تشبيك بين عدد من الإذاعات المحلية أو الاقليمية في برنامج موحد حول قضايا الشباب بعيداً عن أي هدف ربحي أو تعبويّ إيديولوجي!، ماذا لو استطاع المذيعون الشباب داخل المؤسسات الإذاعية كسر الحواجز والعمل على تحقيق ذلك بدافع الانتماء لقضاياهم، ماذا لو وضع الشباب قواعد ممارستهم لعملهم كمذيعين؟، ماذا لو صنع الشباب إذاعتهم ؟!

 

DiaMundialdelaRadio#

WorldRadioDay#

 

Noor Swirki

نور السويركي صحفية  فلسطينية تبلغ من العمر 28 عاماً، حاصلة على درجة الماجستير والبكالوريوس في الصحافة، أم لطفلين، عملت إلى جانب الصحافة كباحثة وموظفة إعلام في مؤسسات المجتمع المدني، وناشطة مجتمعية ونسوية، تطالب بحقوق مختلف الفئات وبخاصة حقوق المرأة والشباب، تعيش في قطاع غزة، فائزة بالمركز الأول للقصة الصحفية في مسابقة بيت الصحافة  في غزة حول حرية الرأي والتعبير، تؤمن بقوة الكلمة على الدفع نحو التغيير والأهم قوة الشباب في إحداث هذا التغيير، تسعى لأن تكون مواطنة عالمية صالحة وأن تتطور في مسيرتها وتحقق النجاح المهني الذي تطمح إليه. نور عضوة في مشروع شبكات الشباب المتوسطي.

إقرأ كذلك

المرأة فراشة ولكن ليس بأجنحتها فقط

كم يروق لي أن أشبه كل طفلة وكل فتاة وكل امرأة بالفراشة الملونة الجميلة التي تحلق في كل مكان لتضفي على الأجواء بهجة و
سعادة بإطلالتها الساحرة ولمساتها الجميلة في كل مراحل عمرها
ولكن ليت كل الناس يقدرون هذا الجمال بقدر ما يقدرون أدوارها في هذه الحياة وفاعليتها التي لا يمكن الاستغناء عنها
إن المرأة الفراشة أنواع مختلفة باختلاف بيئتها وميولاتها وشخصيتها وظروف نشأتها
غير أن جل الفراشات تحب أن ترفل وتحلق
تطمح وتحلم ....
تحب أن تعلو وتسمو.....
تحب الاهتمام بقدر ما تحب التقدير والإكبار
ولكن للأسف تحيط بالمرأة الفراشة أياد غاصبة كثيرة تخنقها

على الميدان

الشباب و الإعلام

YOUTHMEDIA#

أنشطة لبناء المهارات وسط المنظمات الشبابية وضمن الصحفيين الشباب؛ تقوية تمثيلية الشباب في وسائل الإعلام وتعزيز حرية التعبير وثقافة الإعلام والمعلومات ومحتوى الإعلام الذي ينجزه الشباب.

الشباب و التشغيل

YOUTHEMPLOYMENT#

أنشطة تجْمَع المنظمات الشبابيةَ وخبراء التشغيل ومختلف الفاعلين الوطنيين للانخراط في الحوار والعمل معاً للبحث عن حلول للتشغيل والاحتياجات على مستوى القدرات.

السياسات المتعلقة بالشباب

YOUTHPOLICIES#

أنشطة تمكّن الشباب من المشاركة في التنمية الجماعية والوطنية ومراجعة ووضع الاستراتيجيات والسياسات العمومية الوطنية المتعلقة بالشباب.