عن كثب
حياة ومسار شاب ناشط في تونس
25.10.2017
25.10.2017
كانت الحياة قاسية على عبد العزيز قبل سنة 2013، لم يكن يعرف كيف يجعل الأشياء أفضل في تونس التي خرجت لتوّها من الثورة. لم يكن يثق في السياسيين في بلده، ورغم محاولاته للصراخ والتعبير، فصوته كان إما مكتوما أو لا يؤخذ في عين الاعتبار. فكان عبد العزيز من بين مئات الشبان الذين لم يتسنى لهم العمل من أجل إحداث التغيير في تونس، وبالتالي لم يروا الفائدة في ذلك.
يقول عبد العزيز "كنت أعتقد أن الالتزام المدني غير مجدي، فلماذا الالتزام أو الانخراط في سياق لا يسمح لك بإحداث التغيير؟ يواجه الشباب التونسي العديد من المشاكل يوميا، فنحن بحاجة للشغل وللفرص التي تمكننا من حياة كريمة، كما أننا غير ممثلين في مختلف القطاعات المجتمعية. نادرا ما ترى شبابا تونسيين في مراكز القرار في المجال السياسي، الإدارة العمومية، البرامج الإعلام... إذا، كيف يمكننا إسماع أصواتنا حين نتكلم؟ كنت دائما أفكر في هذه المواضيع وكيف أنها تجعله من السهل علينا، نحن الشباب التونسي، الانحراف باتجاه الكبت وغياب الثقة والإحباط أو حتى التطرف العنيف. لا أريد أن يبقى بلدي المصدر الأول لتجنيد الإرهابيين. ولسوء الحظ، فإن جميع هذه المواضيع مرتبطة فيما بينها، وهي مواضيع كبيرة جعلتني أحس بالضعف أمامها".
كان عبد العزيز واعيا بأن الشباب التونسي مثله يحتاج لأن يكون في حال أفضل. فكان غالبا ما يتحدث عن انشغالاته مع أصدقائه والناس المحيطين به، لكنه تابع حياته بطريقة مسؤولة بقدر ما استطاع.
سنة 2013 ستكون المنعطف في حياته حين نصحه أستاذه الجامعي بالالتحاق بنادي للطلاب.
يقول عبد العزيز "لقد كان ذلك أكثر من نصيحة، بل كان أمرا. أظن أن أستاذي سمع بمحادثاتي وعرف كيف يوجّه قلقي. لذا، التحقت بجمعية "2main tu crées"، وقبل أن أعلم ذلك وجدت نفسي منخرطا بشكل عميق في المجتمع المدني. زكّاني رئيس النادي لأكون ممثلهم في مشروع شبكات الشباب المتوسطي التابعة لمنظمة اليونسكو، لم أصدّق الأمر. فقد كنت أشاهد اليونسكو في التلفزة وأسمع عنها في نشرات الأخبار، معتقدا أنها مكان يجمع السفراء فقط. لم أكن أعلم أن اليونسكو تعمل أيضا مع الشباب".
فالاستشارات والدورات التكوينية واللقاءات التي كانت لي مع مسؤولي شبكات الشباب المتوسطي والأكاديميين والباحثين ومهنيي الإعلام ومنظمات المجتمع المدني وآخرين علمتني الكثير عن طرق الدفاع عن حقوق الشباب. كما تعلّمت الكثير عن وضعية الشباب في تونس. تعلمت أن أفهم طبيعة الأمور وأن أرى الصورة الكاملة لها، وأن أفهم بشكل أفضل رؤية أحزابنا السياسية وصنّاع القرار فيما يتعلّق بإدماج الشباب".
يؤمن عبد العزيز أن نقص تمثيلية الشباب يعود بشكل رئيسي إلى الضغوطات الاجتماعية التي يحسون بها. فإلى جانب زملائه في جمعيته وفي مشروع شبكات الشباب المتوسطي، يشتغل على التخفيف من حدة هذه الضغوطات كي يتوفّر الشباب على أرضية للتعبير عن أنفسهم ولكي يصبحوا جزءا من مسلسل البناء في تونس.
يقول عبد العزيز "يمكن حل العديد من القضايا في حال أسسنا لحوار بين الشباب والمؤسسات، فإذا ما جلس صُنّاع القرار إلى طاولة الحوار واستمعوا لنا وتفاعلوا مع حاجياتنا، حينها ستكون درجة انجذابنا للأمور السلبية أقل. وبالتالي، فقد خرجنا، مع أعضاء آخرين في شبكات الشباب المتوسطي، بمخطط لكننا أردنا في الأول أن تكون الانطلاقة صغيرة وأن نقوم من خلالها باختبار هذا المخطط".
شرع عبد العزيز وأقرانه في شبكات الشباب المتوسطي في العمل على ما أًصبح -من بعد- أحد أنجح مجالات عمل شبكات الشباب المتوسطي. فقد كانوا يرغبون في تطوير سياسة عمومية شبابية موجّهة على نطاق صغير، بقلعة الأندلس وهي جماعة تبعد ب 37 كيلومتر عن تونس العاصمة.
قام شباب الفريق بجمع منظمات المجتمع المدني والشباب المحليين مع صناع القرار بالجماعة في لقاء بمقر مجلس البلدية، حيث كان لدى الشباب الكثير من الاقتراحات لتطوير مدينتهم. تفاعل معهم صناع القرار واستمعوا لأفكارهم، وأعطوا الضوء الأخضر لثلاثة مشاريع: فضاء الترفيه للشباب والعائلات، دار للثقافة ومتحف للترويج للإرث الثقافي للجماعة، وفضاءات لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات كي يتعلم الشباب ويمكنهم الوصول إلى المعلومة.
يقول عبد العزيز" لقد كانت روح المشاركة في هذه الحملة جد مدهشة. فمشاهدة كيف أن الجميع يعمل جاهدا لتنمية مجتمعه وكيف أن صناع القرار والشباب يعملون للمرة الأولى يدا في يد أثلجت صدري. لم تكن إدارة وتنظيم الحملة من القمة إلى القاعدة، بل طغت لغة التعاون والحوار.
في بعض الأحيان، يكفي أن يحصل الشباب على ثقة السلطات وإيمانهم بقدراتهم للتحرك والعمل والإبداع. واليوم، فضاء الترفيه بقلعة الأندلس جاهز، حيث اعتنت منظمة الكشفية في المدينة بالإشراف على مراحل تجهيزه وشاركت في ذلك منظمات المجتمع المدني من الألف إلى الياء ".
وينظر عبد العزيز إلى حياته السابقة قبل الانخراط في المجتمع المدني وقبل الالتحاق بمشروع شبكات الشباب المتوسطي. تغيّرت بعض الأمور بالنسبة له بصفة جذرية. لا زال عبد العزيز يحب دفن رأسه وراء الكتب والتعلم بقدر ما يمكنه ذلك، لكنه تحوّل اليوم إلى ناشط مفعم بالحيوية في سن 24.
وعن تجربته الجديدة، يقول عبد العزيز "لم أكن أحس بأنني"مواطن"، لم أكن أشارك في أي شيء أو أدلي برأيي أو أتحرك أو أتخذ موقفا في أية قضية. لذا، لم أخطط يوما ما لتصير الأمور على هذا النحو. لكن انخراطي في مشاريع مثل هذه جعلت مشاريع أخرى من منظمات غير حكومية تأتي في اتجاهي. يصعب علي الرفض وأنتهي دائما بالالتحاق بركب التغيير وكلي آمال في أن يزدهر بلدي يوما ما مع شبابه.
مع شبكات الشباب المتوسطي، استقلت الطائرة لأول مرة في حياتي. كان ذلك سنة 2015 حين توجّهت إلى بيروت للمشاركة في ورشة جهوية. لقد كانت تجربة مذهلة لدرجة أنني اطلعت أكثر من مرة على تطبيق الخرائط بهاتفي لأتأكد بأنني في بلد آخر. بعد تلك التجربة، زرت العديد من الأماكن وشاركت في العديد من التظاهرات.
لقد منحتني الدورات التكوينية المحلية والجهوية في وسائل الإعلام والسياسات العمومية كنزا معرفيا وتجربة لم يكن بإمكاني الحصول عليها في المدرسة، كما أنني وسّعت شبكتي من الأصدقاء".
أثّر التحول الذي عرفته حياة عبد العزيز عليه شخصيا وعلى مجتمعه أيضا، فقد أصبح أحد المصادر الشبابية لاقتسام المعرفة وشخصا ملهما للآخرين كي يلتحقوا بالعمل المدني ويكونوا جزءا من التغيير.
لم يعد عبد العزيز ذلك الطالب العادي، الذي يقسّم برنامجه بين المدرسة والمنزل، فقد صار شابا منخرطا في مجتمعه يدافع عن مشاركة الشباب. أصبح شخصا لديه القدرة على النقاش مع الممثلين السياسيين بشأن المواضيع التي تهمّ الشباب التونسي بشكل كبير.
يصرّح عبد العزيز قائلا "تغيّرت نظرتي الشاملة للمجتمع. لدي اليوم هدف أفضل في الحياة. أعرف أنه يمكنني شق طريقي، أن أعكس تحدياتنا وأن أؤثر على صناعة القرار. فأنا أدين بهذا لبلدي. يجب عليّ أن أوصل أفكاري، وأن أشارك، وأن أدافع عن حقوق الشباب... يجب علي أن أتخذ موقفا لليوم وللمستقبل."
أنشطة لبناء المهارات وسط المنظمات الشبابية وضمن الصحفيين الشباب؛ تقوية تمثيلية الشباب في وسائل الإعلام وتعزيز حرية التعبير وثقافة الإعلام والمعلومات ومحتوى الإعلام الذي ينجزه الشباب.
أنشطة تجْمَع المنظمات الشبابيةَ وخبراء التشغيل ومختلف الفاعلين الوطنيين للانخراط في الحوار والعمل معاً للبحث عن حلول للتشغيل والاحتياجات على مستوى القدرات.
أنشطة تمكّن الشباب من المشاركة في التنمية الجماعية والوطنية ومراجعة ووضع الاستراتيجيات والسياسات العمومية الوطنية المتعلقة بالشباب.